عودة الروح العربية- زيارة تاريخية ترسم مستقبل سوريا
المؤلف: رامي الخليفة العلي09.09.2025

زيارة صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، إلى الشقيقة سوريا لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية عابرة، بل كانت منعطفاً تاريخياً هاماً يسطر معالم مرحلة جديدة في المنطقة العربية، ويعيد صياغة التحالفات، ويعزز الروابط الأخوية المتينة التي سعى البعض جاهداً لتقويضها على مدار سنوات عصيبة. المشهد المهيب للأمير فيصل بن فرحان وهو يؤدي الصلاة بخشوع في رحاب الجامع الأموي الكبير بدمشق يختزل في طياته الكثير من المعاني والدلالات، فهو يمثل بحق لحظة عودة الروح السورية الأصيلة إلى الجسد العربي الواحد، تلك الروح التي كادت أن تُمزقها رياح الفتنة والضياع والتشرذم. صلاة الوزير السعودي في المسجد الأموي تحمل في جوهرها رمزية عميقة، فهي تجسد مكانة دمشق، هذه المدينة العريقة التي ظلت على مر العصور منارة للعروبة والإسلام، باعتبارها القلب النابض الذي لا يمكن أن يغيب، وأن الهوية العربية السورية عصية على التغيير والتبديل مهما حاول المغرضون فرض أجندات دخيلة أو غريبة. سنوات المحن لم تنل من صمود سوريا، رغم قسوة الظروف وعمق الجراح، ورغم المساعي البائسة لطمس الهوية العربية والإسلامية المتأصلة التي ظلت شامخة في وجه التحديات. هذه الصلاة المباركة في رحاب الأموي العظيم، تدشن عودة سوريا الأبية إلى محيطها العربي الأصيل، وتعلن عن عودة العرب إلى سوريا، أرض العروبة والشهامة. إنها رسالة قوية وواضحة من المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، تؤكد فيها وقوفها الدائم إلى جانب سوريا الشقيقة، وحرصها الكامل على مد يد العون والمساعدة، وإعادة بناء ما تهدم، وترميم ما تصدع. هذه الخطوة الجليلة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك الدور السعودي المحوري والمتنامي في تشكيل ملامح جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، ملامح قوامها التآخي والتعاون والسلام، بعيداً عن الصراعات والنزاعات والتدخلات الأجنبية الهدامة التي أثبتت فشلها الذريع مراراً وتكراراً. أمام هذا المشهد التاريخي المشرف، لابد من توجيه رسالة بليغة إلى أولئك الذين ما زالوا خارج المسار السعودي الواعد المتجه بخطى ثابتة نحو المستقبل الزاهر، هؤلاء الذين يتمسكون بأفكار بالية وعقيمة، وشعارات جوفاء لا تحمل في طياتها أي مضمون حقيقي، ويعيشون على أطلال الماضي دون النظر إلى التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم. لقد ولى زمن الشعارات الرنانة، وانقضى عهد الأوهام والظنون، فاليوم هو يوم العمل المخلص والتعاون العربي البناء الذي تقوده المملكة العربية السعودية بكل حكمة واقتدار. زيارة الأمير فيصل بن فرحان والصلاة في المسجد الأموي ليست مجرد حدث عابر، بل هي إعلان مدوٍ عن طي صفحة مؤلمة كانت فيها سوريا بعيدة عن دورها الريادي والتاريخي في قلب الأمة العربية. اليوم، تشرق شمس العزة من جديد على دمشق، لتعلن للعالم أجمع أنه لا هوية إلا الهوية العربية الأصيلة، ولا تاريخ إلا التاريخ العربي المجيد، وأن المملكة العربية السعودية ستبقى السند والعون لسوريا في هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة. وأخيراً، وكما قال الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في وصيته للمواطنين السوريين المتوجهين إلى الأراضي المقدسة: «كونوا خير سفراء لسوريا في السعودية، وأظهروا للشعب السعودي الشقيق أننا شعب واحد في دولتين». هذه الوصية الحكيمة تجسد عمق الروابط الأخوية الراسخة بين الشعبين السعودي والسوري، وتؤكد أن المستقبل يحمل في طياته بشائر الخير والتعاون الوثيق الذي يعيد للعرب أمجادهم وعزتهم في مواجهة كافة التحديات والمخاطر.